
في مشهد تصويري رائع في سورة لقمان ، أخبرنا الله عز وجل علي لسان سيدنا لقمان الحكيم من فنون وأساليب التربية وتعديل سلوك الابناء ما يكفي لصلاح الأبناء واستقرار الأسرة .
انها توجيهات أبوية في المنزل من نبي لابنه لكي نتعظ نحن ونقتدى (أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ ۖ فَبِهُدَىٰهُمُ ٱقْتَدِهْ) .
نستطيع أن نسميها جلسة أسرية للتوجيه والتربية ، وحري بنا أن نتعلم من سيدنا لقمان كيفية إتمام هذه الجلسة المنزلية الأسرية من وقت لآخر .
هذه الجلسة الأسرية لا تهدف إلي مراجعة ميزانية الأسرة وهل تكفي احتياجاتنا أم لا ، ولكنها تهدف إلي التربية والتوجيه فقط .
وإذا نظرت إلى جملة توجيهات سيدنا لقمان لابنه ستجدها شاملة لكافة محاور عملية التربية ، فقد بدأ بالعقيدة والفكر ( وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) وهي أهم المعارف والعلوم ولا يستقيم شأن الأبناء إلا بمعرفتها .
ثم ركز علي الناحية الأخلاقية حيث الوفاء للوالدين والمعاملة بالمعروف حتى لو كانا كافرين ( وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ، وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) .
ثم أراد سيدنا لقمان أن يعلم ابنه مراقبة الله وفي ذلك تنمية الجانب الذاتي والرقابة علي النفس ومتابعتها ( يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) .
وبعد ذلك يؤكد لابنه علي أهمية الارتباط بالله وإقامة الصلاة وليس هذا فحسب ، ولكن يعلم ابنه أن يكون إيجابيا في المجتمع ويأمر الناس بالمعروف وينهاهم عن المنكر و يصبر علي الاذى ( يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ )
وفي نهاية الجلسة يسلط الضوء على أهمية الأخلاق العامة والذوقيات الرفيعة مع الناس والتواضع ونبذ الكبر والفخر ( وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ، وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ) .
إذا داومنا علي هذه الجلسة الأسرية وحضرنا لها تحضيرا جيدا بموضوعات مفيدة وقيم وأخلاق وقصص مع اسلوب لطيف وخفيف حتى لا يمل الأبناء بالتأكيد سيكون لها آثار كبير إيجابي علي شخصية الأطفال واستقرار الأسرة .
لو فيه تجارب لتعم الفائدة أفيدونا بها ولكم الأجر والثواب .